Copy

السبت، 2 يناير 2016

الغيبة والنميمة

الحمد لله

أولاً :

يجب على المسلم حفظ لسانه عما نُهيَ عنه ، ومن هذه المنهيَّات والتي تساهل الناس في الوقوع فيها كثيراً الغيبة والبهتان والنميمة .

والغِيبة : هي ذكر المسلم في غيبته بما فيه مما يكره نشره وذِكره ، والبهتان : ذِكر المسلم بما ليس فيه وهو الكذب في القول عليه ، والنميمة : هي نقل الكلام من طرف لآخر للإيقاع بينهما .

والأدلة في تحريم هذه الأفعال كثيرة ، نكتفي بذكرِ شيءٍ يسير فقط لوضوح تحريمها :

قال تعالى : { وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ } الحجرات / 12 .

ن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذِكرُك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه . رواه مسلم ( 2589 ) .

عن ابن عباس قال : مرَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم على قبرين فقال : أما إنَّهما ليُعذَّبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله ، قال : فدعا بعسيبٍ رطْبٍ فشقه باثنين ثم غرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً ثم قال لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا .  رواه البخاري ( 213 ) ومسلم ( 292 ) .

ثانياً :

وقول القائل عن غيره " لا يستطيع التحكم بلسانه " هو لا شك مما يكرهه صاحبه ، فإن كان صحيحاً فهي غيبة وإلا فهي بهتان .

فعلى كل من وقع منه الغيبة أو البهتان أو النميمة أن يتوب ويستغفر فيما بينه وبين الله ، فإن علِم أنه قد بلَغ الكلامُ للمُتكلَّم عليه فليذهب إليه وليتحلل منه ، فإن لم يعلم فلا يُبلغه بل يستغفر له ويدعو له ويثني عليه كما تكلم فيه في غيبته . وكذا لو علم أنه لو أخبره ستزيد العداوة ، فإنه يكتفي بالدعاء والثناء عليه والاستغفار له .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كانت له مظلمةٌ لأخيه من عرضه أو شيءٍ فليتحلَّلْه منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه " .

رواه البخاري ( 2317 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

ومَن ظلم إنساناً فقذفه أو اغتابه أو شتمه ثم تاب قبِل الله توبته ، لكن إن عرف المظلومُ مكَّنه من أخذ حقه ، وإن قذفه أو اغتابه ولم يبلغه ففيه قولان للعلماء هما روايتان عن أحمد : أصحهما أنه لا يعلمه أني اغتبتك ، وقد قيل : بل يحسن إليه في غيبته كما أساء إليه في غيبته ؛ كما قال الحسن البصري : كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته .

" مجموع الفتاوى " ( 3 / 291