Copy

الاثنين، 24 أغسطس 2015

فرعون لقب لحاكم مصر ام اسم شخص

محمد شاهين      الأحد, 09 أغسطس 2015 15:26

لم نكتب تاريخنا القديم، بل نقلناه عن الغربيين، ومناهج البحث التاريخي عندهم (التي علموها لنا) لا تعترف بالكتب السماوية كمصدر من مصادر البحث التاريخي، الغريب أنه رغم ذلك قمنا (ومعنا الغربيون) باطلاق اسم الفراعنة على كل حكام مصر القديمة ومصدر ذلك هو القران الكريم حيث تعارف المصريون منه اسم فرعون واطلقوه على حكام مصر القديمة، فأخذه عنهم المؤرخون الغربيون والعرب وتداولوه ثم اختلفوا في اشتقاقه فمنهم من قال أنه مشتق من اسم بيت الحاكم في مصر القديمة (بر-عو) لكن الأكثر ثباتا انه مما تعارف عليه المصريونومصدره القران الكريم.

فهل فعلا كان لقب الحاكم في مصر القديمة هو فرعون!

أم أن الله سبحانه أطلق لفظ (فرعون) وكان يعني به شيئا أخر؟

أليس من الغريب أن يكون شخصية مثل فرعون التي وردت عنها كل تلك الايات بالقران وهو الحاكم زمن سيدنا موسى عليه السلام احد كبار أنبياء الانسانية وبني اسرائيل مجهول الهوية؟!

أحاول هنا ايجاد الرد عن تلك الاسئلة التي ظلت محيرة كل تلك الأزمنة بالتأمل في ايات القران الكريم.  

يذكر الله حاكم مصر في سورة يوسف بلقب (الملك) فيقول: وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ (يوسف 43)، وفي أية أخرى: وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ (يوسف 50)  بينما يذكره في سورة أخرى باسم (فرعون): وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ(العنكبوت 39)،

في الوقت الذي لم يذكر الله فيه ملك مصر الا معرفا بالالف واللام في قصة يوسف، فإنه سبحانه لم يذكر فرعون رغم كثرة ذكره له الا نكرة بدون الالف واللام!

وبينما نحن نعرَف كل ملوك مصر القديمة بأنهم فراعنة يذكرهم الله تعالى بأنهم ملوكا ويتحدث عن فرعون!  

القاعدة اللغوية في اللغة العربية تقول ان كل ما ذكر بين اسمين فهو اسم، وفرعون ورد ذكره بين قارون وهامان!

أى أن فرعون أسم وليس لقبا.. يؤكد هذا أن الله تعالى لم يذكره ولا مرة في القران على كثرة ما ذكره معرفا بالالف واللام فلم يقل تعالى: الفرعون! مثلما عرف سبحانه الملك بالالف واللام في موضعين فقط ذكر فيهما الحاكم المصري في قصة يوسف عليه السلام، مع أن الأولى ان يذكر معرفا بالالف واللام كما حدث مع الملك، فلماذا لم يفعل الله هذا؟  لأن الاسماء لا تحتاج إلى تعريف بالالف واللام!

والمعنى القراني يقول أن فرعون هو شخص اسمه وليس لقبه هو فرعون، وهو اسم موجود بالجزيرة العربية وتوجد قبيلة حتى اليوم اسمها الفراعنة! أي أن حاكم مصر كان ملكا ولم يكن فرعونا!  وما فرعون إلا مجرد اسم وليس لقبا مثل اسم موسى (عليه السلام)، وهنا نؤكد انه تعالى قد ذكر فرعون باسمه كما ذكر موسى (عليه السلام) باسمه!  

نفهم لغزا وتبقى الغازاأخرى، فلماذا ناداه الله باسمه ولم يناده بلقبه مثلما نادى حاكم مصر بلقلب الملك في قصة يوسف عليه السلام؟

ولماذا يتحدث الله عن قوم فرعون وال فرعون وجنود فرعون في الايات المختلفة: قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ (الاعراف 109)، وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ (الأعراف 130)، وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ (الاعراف 137)، ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ (يونس 75)، فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ (يونس 90)؟

ألم يكن فرعون وقومه وجنوده من مصر فلماذا يخصهم الله بالذكر بهذا الشكل دون أن يذكر تعالى أنهم المصريين! حيث يقول تعالى في سورة الاسراء: وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) فيؤكد الله ان فرعون قد غرق ومعه كل من أيده واتبعه!

نفهم من تلك الأيات أنه سبحانه يتحدث عن فئة من الناس  مختلفة عن بقية الشعب المصري هى فرعون واله وجماعته وقومه استطاعوا أن يحكموا جزأ من مصر - وليست مصر كلها -  لهذا لم يناده الله بالملك كما فعل في قصة يوسف عليه السلام حيث أنه لم يكن ملكا على كل بلاد مصر بل على بعضها فقد استطاع هو وجماعته احتلالها لفترة من الزمن.

ويؤكد هذا بعض الأدلة في قوله تعالى: وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ( القصص 38)،هنا نكتشف أن فرعون وقومه يبنون الأبنية العالية من الطين وليست من الحجارة كما كان يفعل المصريون في مبانيهم القديمة العالية كلاهامات والمعابد! أما من عرفوا بالبناء بالطين فهم أهل الجزيرة العربية والشام التي أتى منهم اسم فرعون!

وهناك دليل أخر من القرأن حيث أن موسى عليه السلام عندما ذهب إلى مدين (تبوك – شمال السعودية)  لم يكن في حاجة إلى تعلم لغتهم وعندما وجد فتاتان تسقيان سقى لهما ثم تولى وبدا هنا ان موسى الذي تربى بقصر فرعون وعرف لغة القوم لم يكن في حاجة إلى ترجمة عندما يتحدث إليهم فتلك اللغة المنتشرة شمال الجزيرة العربية والتي أتى منها قوم فرعون هى نفس لغة موسى، وهى بالطبع لم تكن لغة المصريون القدماء!  

و ها هو فرعون يقول: وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ( الزخرف 51) وملوك مصر يعرفون أن في مصر نهر واحد وليس أنهارا كما ادعى فرعون فلماذ قال هذه الأنهار ولم يقل هذا النهر؟ ذلك أن فرعون كان يحكم شمال مصر في منطقة الدلتا، هذه المنطقة التي يتفرع منها نهر النيل إلى أفرع متعددة، ولو كان يحكم مصر كلها لعرف أنما هو نهر واحد ولقال هذا النهر بدلا من هذه الأنهار.  

أغلب الظن إذن أن فرعون هو أخر ملوك الهكسوس الذين أتوا من منطقة شمال الجزيرة العربية والشام وحكموا شمال مصر وتميزت فترة حكمهم بالسلب والنهب وتخريب الحضارة المصرية القديمة، وربما يكون هذا دليل أخر على فسادهم وأنهم كانوا في حاجة إلى نبي يرشدهم، وهذا يتفق مع ما ورد الله عن مدين في القران حيث ذكر الله تعالي أهل مدين الذين ذهب إليهم موسى عليه السلام في القران في مواضع متعددة و هم أصحاب الأيكة الذين بعث الله لهم شعيبا عليه السلام، فكانوا يعبدون الشجر، ويغشون في الأوزان فلم يمتثلوا لأوامر النبي شعيبا عليه السلام، وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ( هود 94) .

وانظر هنا إلى فخر فرعون ومباهاته بحكمه لمصر! ولم لا فالهكسوس كانوا شعوبا بدوية وحكم مصر صاحبة الدولة والحضارة أو جزأ منها لمثل تلك الشعوب يصبح مصدرا كبيرا للفخر والمباهاة! قبل أن يغرق الله أخر حكامهم وهو فرعون وجنوده ويعود المصريون ليسترجعوا أرضهم من جديد! بعد مائة عام من الاحتلال والمقاومة.  

نحن إذن أمام حقائق جديدة تناقض ما تعارف عليه المؤرخون من أن فرعون هو لقب حاكم مصر، وأنه على الأرجح رمسيس الثاني، بينما تبين لنا أيات القران الكريم بأن فرعون هو اسم وليس لقب،

وأن لقب حاكم مصر كان (الملك) ،

والأرجح أن فرعون حكم منطقة الدلتا

وأنه كان أخر ملوك الهكسوس!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق