Copy

الجمعة، 21 نوفمبر 2014

محمد بن إدريس الشافعي

أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ (150-204هـ / 767-820م) هو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، وهو أيضاً إمام في علم التفسير وعلم الحديث، وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء. وإضافةً إلى العلوم الدينية، كان الشافعي فصيحاً شاعراً، ورامياً ماهراً، ورحّالاً مسافراً. أكثرَ العلماءُ من الثناء عليه، حتى قال فيه الإمام أحمد: «كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس»، وقيل أنه هو إمامُ قريش الذي ذكره النبي محمد بقوله: «عالم قريش يملأ الأرض علماً».

ولد الشافعي بغزة عام 150 هـ، وانتقلت به أمُّه إلى مكة وعمره سنتان، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ الموطأ وهو ابن عشر سنين، ثم أخذ يطلب العلم في مكة حتى أُذن له بالفتيا وهو ابن دون عشرين سنة. هاجر الشافعي إلى المدينة المنورة طلباً للعلم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد سنة 184 هـ، فطلب العلم فيها عند القاضي محمد بن الحسن الشيباني، وأخذ يدرس المذهب الحنفي، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق (المذهب الحنفي). عاد الشافعي إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات تقريباً، وأخذ يُلقي دروسه في الحرم المكي، ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، فقدِمها سنة 195 هـ، وقام بتأليف كتاب الرسالة الذي وضع به الأساسَ لعلم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر سنة 199 هـ. وفي مصر، أعاد الشافعي تصنيف كتاب الرسالة الذي كتبه للمرة الأولى في بغداد، كما أخذ ينشر مذهبه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلِّم طلابَ العلم، حتى توفي في مصر سنة 204 هـ.

السبت، 15 نوفمبر 2014

عبد الله بن عمرو بن حرام

عبد الله بن عمرو بن حرام بن الخزرج، الأنصاري السلمي، أبو جابر أحد النقباء ليلة العقبة، شهد بدرًا واستشهد يوم أحد ، كان جده أحد الذين حرموا على أنفسهم شرب الخمر في الجاهلية فسمي حرام آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين عمر بن الجموح ودفنا في قبر واحد بعد أن استشهدا في معركة أحد

روي كعب بن مالك قصة إسلام عبد الله بن عمرو بن حرام فيقول: ثم خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله العقبة من أوسط أيام التشريق فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله فيها، ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر سيد من سادتنا أخذناه وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا، فكلمناه وقلنا له: يا أبا جابر إنك سيد من سادتنا وشريف من أشرافنا وإنا لنرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبًا للنار غدًا، ثم دعوناه إلى الإسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله إيانا العقبة، قال: فأسلم وشهد معنا العقبة شهد بدرًا واستشهد يوم أحد شهد بيعة العقبة الثانية. جعله رسول الله نقيبا على قومه من بني سلمة. ولما عاد إلى المدينة وضع نفسه، وماله، وأهله في خدمة الإسلام. وبعد هجرة الرسول إلى المدينة، لازم النبي ليل ونهار. وشهد معه غزوة بدر

في غزوة أحد تراءى له مصرعه قبل أن يخرج المسلمون للغزو. وغمره إحساس بأنه لن يعود ففرح، ودعا اليه ولده جابر بن عبد الله، وقال له: " إني لا أراي إلا مقتولا في هذه الغزوة.. بل لعلي سأكون أول شهدائها من المسلمين.. وإني والله، لا أدع أحدا بعدي أحبّ اليّ منك بعد رسول الله ..وإن عليّ دينا، فإقض عني ديني، واستوصٍ بإخوتك خيراً".

في صبيحة اليوم التالي، خرج المسلمون للقاء قريش التي جاءت في جيش لجب تغزو مدينتهم.

ودارت معركة رهيبة، أدرك المسلمون في بدايتها نصرا سريعا، كان يمكن أن يكون نصرا، لولا أن الرماة الذين أمرهم الرسول بالبقاء في مواقعهم وعدم مغادرتها أبدا أغراهم هذا النصر الخاطف على القرشيين، فتركوا مواقعهم فوق الجبل، وشغلوا بجمع غنائم الجيش المنهزم.

هذا الجيش الذي جمع فلوله سريعا حين رأى ظهر المسلمين قد انكشف تماما، ثم فاجأهم بهجوم خاطف من وراءهم، فتحوّل نصر المسلمين إلى هزيمة. في هذا القتال المرير، استشهد عبد الله بن عمرو.

وعندما كان المسلمون يتعرفون على شهدائهم، بعد فراغ القتال في غزوة أحد. ذهب جابر بن عبد الله يبحث عن أبيه، فوجده بين الشهداء، وقد مثل به المشركون كما مثلوا بغيره من شهداء المسلمين. ووقف جابر وبعض أهله يبكون شهيدهم عبد الله بن عمرو بن حرام، ومرّ بهم الرسول وهم يبكونه، فقال: " ابكوه أو لا تبكوه فإن الملائكة لتظلله بأجنحتها".

ووقف رسول الله يشرف على دفن أصحابه، ولما جاء دور عبد الله بن حرام ليدفن، نادى رسول الله : "ادفنوا عبد الله بن عمرو، وعمرو بن الجموح في قبر واحد، فانهما كانا في الدنيا متحابين، متصافين". عن جابر بن عبد الله قال: لمّا قُتل أبي يوم أُحُد جعلتُ أكشف الثوب عن وجهه وأبكي وجعل أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ينهونني والنبي صَلَّى الله عليه وسلم، لا ينهاني. قال وجعلتْ عمّتي فاطمة بنت عمرو تبكي عليه فقال النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: "تبَكِّيه أو لا تُبَكّيه، ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتى رفعتموه

يقول جابر: لقيني رسول الله ، فقال: "يا جابر، مالي أراك منكرًا مهتمًّا؟" قلت: يا رسول الله، استشهد أبي، وترك عيالاً وعليه دين، فقال الرسول : "ألا أخبرك أن الله كلم أباك كفاحًا (أي مواجهة ليس بينهما حجاب)، فقال: يا عبدي سلني أعطك، فقال، أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانيًا، فقال الله له: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون، فقال عبد الله: يا رب، أبلغ من ورائي، فأنزل الله: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون}[آل عمران: 196-197].[الترمذي وابن ماجه]. وبعد مرور ست وأربعين سنة على دفنه، نزل سيل شديد غطى أرض القبور، فسارع المسلمون إلى نقل جثث الشهداء، وكان جابر لا يزال حيًّا، فذهب مع أهله لينقل رفات أبيه عبد الله بن عمرو ورفات زوج عمته عمرو بن الجموح، فوجدهما في قبرهما نائمين كأنهما ماتا بالأمس لم يتغيرا.عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج لدفن شهداء أحد قال:( زملوهم بجراحهم ، فأنا شهيد عليهم ) ، وكفن أبي في نمرة . قال ابن سعد : قالوا : وكان عبد الله أول من قتل يوم أحد ، وكان عمرو بن الجموح طويلاً ، فدفنا معاً عند السيل ، فحفر السيل عنهما ، وعليهما نمرة ، وقد أصاب عبد الله جرح في وجهه ، فيده على جرحه ، فأميطت يده ، فانبعث الدم فردت ، فسكن الدم . قال جابر : فرأيت أبي في حفرته ، كأنه نائم ، وما تغير من حاله شيء وبين ذلك ست وأربعون سنة ،

عكاشة بن محصن

هو عكاشة بن محصن بن حُرْثان بن قيس بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، ويكنى أبا محصن. عُرف بين الناس باالشدة و الباس و بوفرة العقل وصدق الإحساس وصفاء السريرة، وكان معروفا بحسن الهيئة والجرأة والإقدام وكان من أجمل الرجال، وتوفي رسول الله وعكاشة ابن أربع وأربعين سنة.

شهد بدروأحدا والخندق وأبلى بلاء حسنا، واستعمله النبي على سرية (الغمر) في أربعين رجلا، فذهبوا فعلم القوم بمجيئه فهربوا، فرجع إلى المدينة وقد ساق مائتي بعير كانت لهم.

يوم بدر قاتل بسيفه حتى انقطع في يده فأتى رسول الله فأعطاه جدلا من حطب وقال:" قاتل بهذا يا عكاشة " فلما أخذه من رسول الله هزه فعاد سيفا في يده طويل القامة شديد المتن أبيض الحديدة فقاتل به حتى فتح الله على المسلمين. وكان ذلك السيف يسمى (العون) ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله حتى قتل في الردة وهو عنده
عدل

بشره الرسول محمد بالجنة وهو على قيد الحياة، فقد سمع الرسول يبشره بدخوله الجنة بغير حساب ولا عذاب، حدثنا ابن عباس أن رسول الله قال:  سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب" هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون " فقام عكاشة بن محصن فقال: (أنا منهم يا رسول الله؟) قال: " أنت منهم " وقام رجل آخر من المهاجرين فقال: أنا منهم يا رسول الله؟ قال: "سبقك بها عكاشة"

الشهادة

منذ أن سمع عكاشه هذا من رسول الله تاقت نفسه لطلب الشهادة، والمسارعة لنيل هذه الدرجة العظيمة، فخرج يقاتل المرتدين، ويقضي على فتنة المتنبئين، وراح ليكون في طليعة الصحابة الذين خرجوا لقتال المتنبئ طليحة بن خويلد( الذي أسلم بعد ذلك )، مع خالد بن الوليد ، وبعثه خالد مع ثابت بن أقرم البلوي طليعة أمامه يأتيانه بالخبر وكانا فارسين عكاشة على فرس له يقال له الرزام وثابت على فرس له يقال له المحبر، فلقيا طليحة وأخاه سلمة بن خويلد طليعة لمن وراءهما من الناس، فانفرد طليحة بعكاشة وسلمة بثابت ، فلم يلبث أن قُتل ثابت بن أقرم فصرخ طليحة لسلمة: أعني على الرجل فإنه قاتلي..

فكر سلمة على عكاشة فقتلاه جميعا ثم كرا راجعين إلى من وراءهما من الناس، وأقبل خالد بن الوليد ومعه المسلمون فلم يرعهم إلا ثابت بن أقرم البلوي قتيلا تطؤه المطي، فعظم ذلك على المسلمين ثم لم يسيروا إلا يسيرا حتى وطئوا عكاشة قتيلا، فأمر خالد بن الوليد بدفنهما فحفروا لهما ودفناهما بدمائهما وثيابهما، ولقد وجدوا بعكاشة جراحات منكرة. وهكذا فارق عكاشة الدنيا ليلحق بركب الآخرة بلا حساب ولا عذاب. فرضي الله عن عكاشة وعن سائر الصحابة أجمعين.

الأحد، 9 نوفمبر 2014

عامر بن فهيرة

من ابطال الهجره

عامر بن فهيرة رضي الله عنه
إنه الرجل الذي ضحى وبذل فكان الجزاء من جنس العمل، فرفع إلى السماء شهيداً وتولت الملائكة دفنه.
إنه مولى أبي بكر الصديق رضى الله عنه من المهاجرين الأولين، اشتراه أبوبكر وأعتقه قبل أن يدخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم، فكان رقمه يلمع في قائمة الأوائل من سجل المؤمنين السابقين.
كان عامر مولداً من الأزد، وكان مملوكاً للطفيل بن عبدالله بن سخبرة، وكان الطفيل أخا عائشة لأمها أم رومان،
فلما اسلم اشتراه ابوبكر وأعتقه.
كان هذا الصحابي على هامش التاريخ، لا يأبه له أحد ممن حوله، فلا تتعدى مكانته مكانة الأرقاء والعبيد، ولما
أضاء الإيمان نفسه، وملأ حنايا قلبه،أضحى من مصاف السادة الأعلام، وممن حظوا بالشهادة، وأسكنوا عليين،
وما أدراك ما عليين؟! إنه مقام كريم، في جنات ونهر، عند مليك مقتدر.
ولقد كان عامر من الذين ضربوا المثل في الصبر والمصابرة، فلقد كان من المستضعفين في الأرض،
ومن الذين صب عليهم كفار قريش ألواناً من التنكيل والعذاب.
وكان عامر يغدو إلى مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم دائماً، يتعلم من هدي النبي وينهل من علمه وأدبه وخلقه.
لقد وقف عامر رضي الله عنه موقفاً لا ينسى أبداً، وسطر على جبين الدهر سطوراً من نور وضياء.
انه موقفه يوم هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، فقد كان بمثابة وزارة التموين للنبي وصاحبه،
حيث كان يأتي إليهما بالغنم ليشربا اللبن، بل كان يمحو آثار أقدام عبدالله بن أبي بكر حتى لا يهتدي المشركون
إلى مكان النبي وصاحبه، وكان عبدالله يأتيهما بأخبار القوم في مكة،
وكان عامر بن فهيرة رضي الله عنه يتبع بغنمه أثر عبدالله بن أبي بكر بعد ذهابه إلى مكة ليعفى عليه.
وهكذا حظي عامر رضي الله عنه بخدمة هذين المهاجرين العظيمين، فنال شرف المشاركة في اعظم رحلة
عرفتها الانسانية واتخذتها تاريخاً لها، ثم شهد غزوة بدر ثم غزوة احد وأبلى فيهما بلاءً حسناً.

بين السماء والأرض

وأما ما حصل ببئر معونة لما قتل الكفار المسلمين وقصة شهادة عامر فالقصة باختصار ان عامر بن مالك الذي يُدعى
مُلاعب الأسنة قدم على رسول الله وهو مشرك، فعرض عليه رسول الله الإسلام، وقال رسول الله: “إني لا أقبل هدية
مشرك” فقال عامر: ابعث يا رسول الله من رسلك من شئت فأنا جار له، فبعث رسول الله رهطاً فيهم المنذر بن عمرو
الساعدي فسمع بهم عامر بن الطفيل، فاستنفر لهم من بني سليم فنفروا معه، فقتلهم ببئر معونة غير عمرو ابن أمية الضمري،
وكان فيهم عامر بن فهيرة، قيل: إنه قُتل يومئذ فلم يوجد جسده حين دفنوه وكانوا يرون الملائكة حين دفنته.

وفي الصحيح: لما قُتل الذين ببئر معونة وأسر عمرو بن أمية الضمري قال له عامر بن الطفيل: من هذا؟ وأشار إلى قتيل،
فقال له عمرو: هذا عامر بن فهيرة فقال: لقد رأيته بعد ما قُتل رُفع إلى السماء حتى إنى لأنظر إليه بين السماء والأرض،
ثم وضع، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فنعاهم، فقال: إن أصحابكم قد اصيبوا، وإنهم قد سألوا ربهم فقالوا:
ربنا أخبر عنا إخواننا بما رضينا عنك ورضيت عنا، فأخبرهم عنهم.

فرضي الله عن عامر وعن سائر الصحابة أجمعين.

الجمعة، 7 نوفمبر 2014

سعيد بن زيد

الصحابي سعيد بن زيد العدوي القرشي ، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أسلم قبل أن يدخل النبي دار الأرقم.

كَانَ وَالِدُهُ زيد بن عمرو مِمَّنْ فَرَّوا إِلَى اللهِ مِنْ عِبَادَةِ الأصنام، وَسَاحَ فِي أَرْضِ الشام يَتَطَلَّبُ الدِّيْنَ القَيِّمِ، فَرَأَى المسيحيين وَاليهود، فَكَرِهَ دِيْنَهُمْ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي عَلَى دِيْنِ إبراهيم"، وَلَكِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِشَرِيْعَةِ إِبْرَاهِيْمَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- كَمَا يَنْبَغِي، وَلاَ رَأَى مَنْ يُوْقِفُهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّجَاةِ"، فَقَدْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ بِأَنَّهُ: يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رأَى النَّبِيَّ وَلَمْ يَعِشْ حَتَّى بُعِثَ.

قَالَ سَعِيْدٌ: "فَقُلْتُ: يَا رسول الله! إِنَّ أَبِي كَانَ كَمَا قَدْ رَأَيْتَ وَبَلَغَكَ، وَلَو أَدْرَكَكَ لآمَنَ بِكَ وَاتَّبَعَكَ، فَاسْتَغْفِرْ لَهُ. قَالَ: (نَعَم، فَأَسْتَغْفِرُوا لَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ).
امراة سعيد هي ابنة عمه فاطمة أخت عمر بن الخطاب، وأخته عاتكة بنت زيد زوجة عمر بن الخطاب. أسلم قبل دخول النبي دار الأرقم، وهاجر مع زوجته، وكانا من سادات الصحابة.

كان محبوباً من النبي. وظل يجاهد مع النبي حتى لحق النبي بالرفيق الأعلى فواصل جهاده مع الخلفاء الراشدين حتى وافته المنية في عهد معاوية بن أبي سفيان. وفي عهد عمر بن الخطاب شهد موقعة اليرموك وفتح دمشق وأبلى في المعارك بلاءً حسناً. وحين سأل عمر بن الخطاب أبا عبيدة بن الجراح عن أحواله بعث إليه بكتاب جاء فيه: أما عن أخويك بن زيد ومعاذ بن جبل فكما عهدت, إلا أن السواد زادهما في الدنيا زهداً وفي الآخرة رغبة.

ويصف سعيد بن زيد معركة اليرموك قائلاً: لما كان يوم اليرموك كنا أربعة وعشرين ألفاً ونحواً من ذلك. فخرجت لنا الروم بعشرين ومائة ألف. وأقبلوا علينا بخطى ثقيلة كأنهم الجبال تحركها أيد خفية. وسار أمامهم الأساقفة والبطاركة والقسيسون يحملون الصلبان وهم يجهرون بالصلوات فيرددها الجيش من ورائهم وله هزيم كهزيم الرعد. فلما رآهم المسلمون على حالهم هذه هالتهم كثرتهم وخالط قلوبهم شيء من خوفهم. عند ذلك قام أبو عبيدة فخطب في الناس وحثهم على القتال. عند ذلك خرج رجل من صفوف المسلمين وقال لأبي عبيدة: إني أزمعت على أن أقضي أمري الساعة. فهل لك من رسالة تبعث بها إلى رسول الله؟ فقال أبو عبيدة: نعم. تقرئه مني ومن المسلمين السلام وتقول له: يا رسول الله إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً.

قال سعيد: فما إن سمعت كلامه ورأيته يمتشق حسامه ويمضي إلى لقاء أعداء الله حتى اقتحمت إلى الأرض وجثوت على ركبتي وأشرعت رمحي وطعنت أول فارس أقبل علينا. ثم وثبت على العدو وقد انتزع الله كل ما في قلبي من الخوف. فثار الناس في وجوه الروم. وما زالوا يقاتلونهم حتى كتب الله للمؤمنين النصر.

ولما دانت دمشق بالولاء للمسلمين جعله أبو عبيدة بن الجراح قائد جيوش المسلمين والياً عليها. فكان أول من ولي إمرة دمشق من المسلمين. غير أنه كان زاهداً في الحكم كما هو زاهد في المال. فكتب إلى أبي عبيدة وهو في الأردن يعتذر عن عدم الاستمرار في المنصب ويطلب اللحاق به للجهاد. فلما بلغ الكتاب أبا عبيدة استجاب لرغبته.

أبي بن كعب بن قيس

هو أُبي بن كعب بن قيس بي عبيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار بن ثعلبة بن عمرو من الخزرج [1]. له كنيتان: أبو المنذر؛ كناه بها نبي الإسلام محمد، وأبو الطفيل؛ كناه بها عمر بن الخطاب بابنه الطفيل وكان عمر يسميه سيد المسلمين. وأمه صهيلة بنت النجار، وهي عمة أبي طلحة الأنصاري. وقيل في وصفه انه كان أبيض الرأس واللحية لا يخضب.

كان أّبي بن كعب من فقهاء الصحابة، وكان من كُتَّاب الوحي، ومن اعتبر من أفضل قرّاء القرآن، وهو أحد الإثنا عشر الذين بايعوا الرسول، في بيعة العقبة. وقد روي أن أُبي بن كعب قال:

«سألني رسول الله ما هي برأيك أعظم آية جاءت في القرآن الكريم؟، فقلت: آية الكرسي، فضرب رسول الله على صدري، وقال لي: ليهنئك العلم يا أبا المنذر»[2]. وقد جاء في الحديث: "أقرؤكم أُبي" وقد أسند إليه النبي مهمة تعليم الوفود القرآن وتفقيهها في الدين وكان النبي إذا غاب عن المدينة يستخلفه لإمامة المسلمين في الصلاة وقد قال عنه عمر بن الخطاب: "سيد المسلمين أبي بن كعب". وجاء في صحيح البخاري ان الرسول قال لأُبي بن كعب حين نزلت (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا)[3] «إن الله أمرني أن أقرأ عليك (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) قال أبي: آلله سماني لك ؟ قال نعم الله سماك لي فجعل أبي يبكي».

وبعد وفاة الرسول، ظل أبي على عهده في عبادته وقوة دينه، وكان دوما يذكر المسلمين بأيام الرسول ويقول: «لقد كنا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ووجوهنا واحدة، فلما فارقنا اختلفت وجوهنا يمينا وشمالا».

وعن الدنيا يتحدث ويقول: ((ان طعام ابن آدم، قد ضرب للدنيا مثلا، فان ملحه وقذحه فانظر إلى ماذا يصير؟)).

وحين اتسعت الدولة الإسلامية ورأى المسلمين يجاملون ولاتهم، قال:(هلكوا ورب الكعبة، هلكوا وأهلكوا، أما اني لا آسى عليهم، ولكن آسى على من يهلكون من المسلمين) وقيل انه كان أكثر ما يخشاه هو أن يأتي على المسلمين يوما يصير بأس أبنائهم بينهم شديد.