Copy

الجمعة، 19 ديسمبر 2014

حديث شريف

حدثنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا جرير عن منصور عن الشعبي عن وراد مولى المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات وكره لكم ثلاثا قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال وحدثني القاسم بن زكرياء حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن منصور بهذا الإسناد مثله غير أنه قال وحرم عليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل إن الله حرم عليكم
( كثرة السؤال ) : فقيل : المراد به القطع في المسائل ، والإكثار من السؤال عما لم يقع ، ولا تدعو إليه حاجة ، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك ، وكان السلف يكرهون ذلك ، ويرونه من التكلف المنهي عنه . وفي الصحيح : كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها ، وقيل : المراد به سؤال الناس أموالهم ، وما في أيديهم ، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك ، وقيل : يحتمل أن المراد كثرة السؤال عن أخبار الناس ، وأحداث الزمان ، وما لا يعني الإنسان ، وهذا ضعيف لأنه قد عرف هذا [ ص: 377 ] من النهي عن قيل وقال ، وقيل : يحتمل أن المراد كثرة سؤال الإنسان عن حاله وتفاصيل أمره ، فيدخل ذلك في سؤاله عما لا يعنيه ، ويتضمن ذلك حصول الحرج في حق المسئول ، فإنه قد لا يؤثر إخباره بأحواله ، فإن أخبره شق عليه ، وإن كذبه في الإخبار أو تكلف التعريض لحقته المشقة ، وإن أهمل جوابه ارتكب سوء الأدب .

وأما ( إضاعة المال ) : فهو صرفه في غير وجوهه الشرعية ، وتعريضه للتلف ، وسبب النهي أنه إفساد ، والله لا يحب المفسدين ، ولأنه إذا أضاع ماله تعرض لما في أيدي الناس .

وأما ( عقوق الأمهات ) فحرام ، وهو من الكبائر بإجماع العلماء ، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على عده من الكبائر ، وكذلك عقوق الآباء من الكبائر ، وإنما اقتصر هنا على الأمهات لأن حرمتهن آكد من حرمة الآباء ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم حين قال له السائل : من أبر ؟ قال : " أمك ثم أمك " ثلاثا ثم قال في الرابعة : " ثم أباك " . ولأن أكثر العقوق يقع للأمهات ، ويطمع الأولاد فيهن ، وقد سبق بيان حقيقة العقوق ، وما يتعلق به في كتاب الإيمان .

وأما ( وأد البنات ) بالهمز ، فهو دفنهن في حياتهن ; فيمتن تحت التراب ، وهو من الكبائر الموبقات ، لأنه قتل نفس بغير حق ، ويتضمن أيضا قطيعة الرحم ، وإنما اقتصر على البنات ، لأنه المعتاد الذي كانت الجاهلية تفعله .

وأما قوله : ( ومنعا وهات ) وفي الرواية الأخرى : ( ولا وهات ) فهو بكسر التاء من ( هات ) . ومعنى الحديث : أنه نهى أن يمنع الرجل ما توجه عليه من الحقوق أو يطلب ما لا يستحقه ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( حرم ثلاثا وكره ثلاثا ) دليل على أن الكراهة في هذه الثلاثة الأخيرة للتنزيه ، لا للتحريم . والله أعلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق