Copy

الثلاثاء، 7 أبريل 2015

﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾

لا شك أن الجمادات لها أبعاد ثلاثة، طول، وعرض، وعمق أو ارتفاع، لكنها إذا تحركت لها بعد رابع ألا وهو الزمن، والزمن بعد رابع للأجسام المتحركة، فما دمنا نتحرك على وجه الأرض فنحن من بعض معاني وجودنا أننا جزء من الزمن، أو نحن زمن لذلك اقسم الله عز وجل بأثمن ما يملكه الإنسان، أقسم الله عز وجل بهوية الإنسان، قسم لله عز وجل برأس مال الإنسان، أقسم الله عز وجل بهذا المخلوق الأول الذي خلقه ليسعد بقربه قال:

﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
انظر مضي الزمن وحده، تتابع الأيام، تتابع الليالي، تتابع الأسابيع، تتابع الشهور تتابع السنين، إنه يذهب منك جزءاً، إنه يقربك من لحظة النهاية، إنه يستهلكك، لذلك قال الله عز وجل:

﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
، ما دامت الأيام تمضي فأنت في خسارة، ما دامت الأسابيع تمضي فأنت في خسارة، هذا ليس كلامي أيها الإخوة هذا كلام خالق الكون، ما دامت السنين تمضي فأنت في خسارة،

﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
، أي إنسان؟ أي إنسان في الكون، أي إنسان على وجه الأرض، ما دام الزمن يمضي فهو في خسر، إذاً مضي الزمن ليس في صالح الإنسان، مضي الزمن خسارة محققة له، مضي الزمن اقتراب من ساعة الصفر، مضي الزمن اقتراب من نهايته، إذاً هو زمن.
يا أيها الإخوة الأكارم، من هذا الذي استطاع أن يتلافى هذه الخسارة؟ من هذا الذي استطاع أن ينجو من هذه الخسارة المحققة؟ من هذا الذي استطاع أن لا يكون خاسراً بل أن يكون رابحاً؟ الله عز وجل استثنى، قال:

﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾[ سورة العصر]
إنك إن لم تؤمن، وتعمل الصالحات، وإن لم تدعو لله عز وجل، وإن لم تصبر على الأوامر، وإن لم تصبر عن النواهي، وإن لم تصبر عن أمر الله التكويني فأنت في خسارة، ولكنك إذا أنفقت الوقت إنفاقاً استثمارياً، شتان بين أن تنفق الوقت إنفاقاً استهلاكياً أن تأكل، وأن تشرب وأن تجلس في البيت، وأن تكسب المال، وأن تنفق المال، وأن تمضي الأيام والسنون وأن يأتي الأجل هذا استهلاك للوقت، وبين أن تؤمن، وبين أن تطلب العلم، وبين أن تحضر مجالس العلم وبين أن تتفكر في الكون، وبين أن تتدبر كلام الله عز وجل، وبين أن تنظر في أفعال الله عز وجل، وبين أن تحمل نفسك على منهج الله،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق