Copy

الجمعة، 4 سبتمبر 2015

المسؤولية الفردية من المنظور الإسلامي:

إن تجاهل الفرد مسؤوليته عن الأحداث ومسؤوليته في التغيير، هي نظرة العجزة والغارقين في أوحال المنطق التبريري، لذلك يظل دائما يلعن الظلام، دون أن يفكر في أن يوقد شمعة.

الشعور بالمسؤولية الفردية في الفكر الإسلامي، ينطلق من كون مناط التكليف فرديا، وأن المرء سوف يسأل وحده يوم يبعث ويحاسب وحده "وكلهم آتيه يوم القيامة فردا".

لذلك تذخر النصوص الشرعية بما يؤكد على المسؤولية الفردية، منها توجيه الخطاب بصيغة فردية: (من رأى منكم منكرا فليغيره)، (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم)، (ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع).
وليت الفرد يدرك أنه يسهم بصورة أو بأخرى في تشكيل الواقع من حوله، وأنه نموذج مصغر يحمل آفات هذا المجتمع، ومسؤول عن تغييره.

فرد مبدع:
استشعار المسؤولية الفردية حاضر وبقوة في التاريخ الإسلامي، ومن ذلك ما ذكره القرطبي في تفسيره: "وقد بلغني أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة، فعمد رجل منهم فصنع فيلا من طين وأنس به فرسه حتى ألفه، فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل فحمل على الفيل الذي كان يقدمها فقيل له: إنه قاتلك، فقال: لاضير أن أقتل ويفتح للمسلمين".
فلم ينتظر الفارس حلولا جماعية، تمليها القيادة، إنما استشعر أهمية الجهد الفردي، ومسؤوليته تجاه أمته.

ضرير ذو بصيرة:
هو الشاعر الضرير يحيى بن يوسف الأنصاري الصرصري، علم من أعلام الإسلام ، ولد سنة 588هـ، قرأ القرآن بالروايات ودرس الفقه على مذهب أحمد بن حنبل.
لما دخل هولاكو وجنوده إلى بغداد سنة 656ه، كان الشيخ يحيى بها، فدعاه كرمونبن هولاكو للحضور، فأبى أن يجيب له، وأعد في داره حجارة، فحين دخل عليه التتار رماهم بتلك الأحجار فهشم منهم جماعة، فلما خلصوا إليه قتل أحدهم بعكازه ثم قتلوه.

تعلمها من هدهد:
ذلك الهدهد السليماني كان جندياً في جيش نبي الله سليمان، يغيب عن مجلسه لأنه قد رأى أعظم جريمة ترتكب على وجه الأرض، وهي جريمة الشرك "إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُون".

تحرك بدافع ذاتي، واستشعار المسؤولية الفردية، فدل نبي الله سليمان على تلك الأرض، لينشر فيها نور الإسلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق