Copy

الأحد، 19 يوليو 2015

شهر شوال ٢

كان شهر شوال سجلا لأحداث وغزوات مهمة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، كان لها أثر كبير في تاريخ الإسلام والمسلمين، وأحدثت تحولات جوهرية في تاريخ الدولة الإسلامية، ومن هذه الأحداث:
سرية رابغ سنة (1 هـ):
كانت في شوال من السنة الأولى للهجرة، بقيادة عبيدة بن الحارث بن المطلب، وكان عدد المسلمين فيها نحو ستين رجلا من المهاجرين ليس فيهم أنصاري، فالتقوا بأبي سفيان على بطن رابغ، وكان معه من الأعداء مئتا راكب وراجل، وترامى الفريقان بالنبل، وكان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أول من رمى بسهمٍ في سبيل الله في هذه السرية، وانفضّ الفريقان بعد ذلك من غير قتال، وكانت أول مواجهة عسكرية يلتقي فيها المسلمون مع أعدائهم، وكان من أهدافها ممارسة الضغط النفسي على قريش.
إجلاء يهود بني قينقاع
سنة (2 هـ):
في منتصف شهر شوّال من السنة الثانية للهجرة انطلق المسلمون متوجهين إلى حصون بني قينقاع، وعند الوصول ضرب عليهم النبي صلى الله عليه وسلم حصاراً محكماً قطع عنهم كل الإمدادات، واستمرّ ذلك الحصار خمسة عشر يوماً، حتى أعلن اليهود استسلامهم ونزولهم على حكم النبي صلى الله عليه وسلم.
غزوة أحد سنة (3 هـ):
في شوال من السنة الثالثة من الهجرة، خرجت قريش بكل ما تقدر عليه من عدة وعتاد، ورجال ونساء، بلغوا ثلاثة آلاف مقاتل لقتال المسلمين والثأر منهم، فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أعلن الجهاد، ووعد المؤمنين بنصر الله وثوابه، وما أعده الله للشهداء، واستشار أصحابه في الخروج للقتال خارج المدينة أو البقاء فيها، فأشار كثير من الصحابة بالخروج للقتال، فوافقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أن رأيه كان خلاف ذلك.
وغزوة أحد كانت معركة اجتمع فيها النصر والهزيمة، ومع ما فيها من آلام وجراح وشهداء، إلا أن دروسها لا تزال باقية على مر العصور، يتعلم منها المسلمون أسباب النصر والهزيمة، وآثار التطلع إلى الدنيا.
غزوة الخندق سنة (5 هـ):
في شوال من السنة الخامسة للهجرة خرج وفد من زعماء اليهود نحو كفار مكة، ليحرضوهم على غزو المدينة، ومحاولة القضاء على الإسلام والمسلمين، فتعاهدوا معهم على ذلك.. ثم خرج ذلك الوفد يحمل الحقد والكراهية للمسلمين نحو غطفان ليكتمل عقد الأحزاب، وتداعت الجموع، فخرجت من الجنوب قريش وكنانة وأهل تهامة وبنو سليم، وخرجت من الشرق قبائل غطفان، وكذلك خرجت بنو أسد، واتجهت الأحزاب الكافرة نحو المدينة حتى تجمع حولها جيش كبير يبلغ عدده عشرة آلاف مقاتل بقيادة أبي سفيان، والمسلمون في حال شديدة من جوع شديد، وبرد قارس، وعدد قليل، وأعداء كُثر، ولقد وصف الله تعالى هذا الموقف بقوله: «إ ِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا. هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً» (الأحزاب 11:10).
ولما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بزحف الأحزاب إلى المدينة، وعزمها على حرب المسلمين، استشار أصحابه، وقرروا بعد الشورى التحصن في المدينة والدفاع عنها، وأشار سلمان الفارسي رضي الله عنه اعتمادا علي خبرته في حرب الفرس بحفر خندق حول المدينة، فوافقه وأقره النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بحفر الخندق حول المدينة. وحينما اشتد الكرب على المسلمين، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأحزاب فاستجاب الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم، فهبت وأقبلت بشائر الفرج والنصر، ورجعت قريش والأحزاب خائبين منهزمين، وانفك الحصار، وعاد الأمن، وثبت المؤمنون، وانتصر الإيمان.. وكانت غزوة الأحزاب غزوة فاصلة في حياة الأمة الإسلامية، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم بعدها: (الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم) رواه البخاري.
غزوة حنين في شوال
سنة (8 هـ):
وافقت أحداث هذه الغزوة السابع من شهر شوال، من السنة الثامنة من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، ودارت رحاها في وادي حنين، وهو وادٍ إلى جنب ذي المجَاز، بينه وبين مكة سبعة وعشرون كيلو مترًا تقريبًا، من جهة عرفات، وكان عدد المسلمين الذين اجتمعوا في هذه المعركة اثني عشر ألفًا، عشرة آلاف من أهل المدينة، وألفين من أهل مكة، وكانت غزوة حنين آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم لمشركي العرب، وقد سُجلت هذه الغزوة في القرآن الكريم لكي تبقى للمسلمين في كل زمان ومكان يتعلمون منها الدروس والعبر.
غزوة الطائفشوال (8 هـ):
بعد أن كتب الله النصر للمؤمنين في غزوة حنين، توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال عام (8 هـ) قاصداً الطائف يريد فتحها، وانتدب لتلك المهمة خالد بن الوليد رضي الله عنه حيث جعله على مقدم الجيش، وطلب منه أن يسير أولاً لمحاصرتها، وهذه الغزوة في الحقيقة امتداد لغزوة حنين، وذلك أن معظم فلول هَوَازن وثَقِيف دخلوا الطائف وتحصنوا بها.
زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها:
عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها: تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في شوال سنة إحدى عشرة من النبوة، وبني بها في شوال بعد الهجرة بسبعة أشهر في المدينة، وهي بنت تسع سنين، وكانت بكراً ولم يتزوج بكراً غيرها، وكانت أحب الخلق إليه، وأفقه نساء الأمة، وأعلمهن على الإطلاق، فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق