Copy

الأحد، 3 مايو 2015

الامانة في القرآن الكريم

لقد تحدث القرآن الكريم عن فضيلة ( الأمانة ) في أكثر من موطن منوها بشأنها حاثاً على صيانتها ومن الآيات المجيدة التي جاء ذكر الأمانة قول الله تعالى في سورة الأحزاب :    إِنّا  عَرَضْنا  الْأَمانَةَ  عَلى السماوات  والْأَرْضِ  والْجِبالِ فَأَبَيْنَ  أَنْ  يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ  مِنْها  وَحَمَلَها الإنسان  إِنَّهُ  كانَ  ظَلوماً  جَهولاً  (2) .
ولقد ذكر الأصفهاني في كتابه المفردات أن معنى الأمانة هنا فيه أقوال ، هي :
التوحيد أو العدالة أو حروف التهجي ، أو العقل ، ثم مال إلى اختيار معنى العقل ؛  لأنه في رأيه يشمل الأقوال السابقة ، فقال عنه وهو صحيح ، فإن العقل هو بحصوله تتحصل معرفة التوحيد ، وتجري العدالة ، وتعلم حروف التهجي بل لحصوله تعلم كل ما في طوق البشر تعلمه ، وفعل ما في طوقهم من الجميل فعله وبه فضل الله الإنسان على كثير من خلقه .
ولكن الأقرب القبول في معنى الأمانة هو أنه يراد بها : التكاليف والحقوق المرعية التي أودعها الله المكلفين ، وائتمنهم عليها ، وأوجب عليهم تلقيها بحسن الطاعة والانقياد ، وأمرهم بمراعاتها وأدائها والمحافظة عليها ، من غير إخلال بشيء من حقوقها .
ولقد ذكر المفسرون أقوالاً كثيرة بالمراد ، فقيل : أن الأمانة هي المحافظة على
الصلوات ، وأداة الزكاة ، والصوم ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً .
وقيل : إنها أمانات الناس ، أي ودائعهم التي يودعونها عند غيرهم .
وقيل : إنها الأمانة في الحديث وعدم الزيادة عليه .
وقيل : إنها صيانة المرأة لعرضها .
وقيل : إنها الاغتسال من الجنابة .
وقيل : أنها صيانة الإنسان لدم غيره وعدم الاعتداء عليه .
وهذه الأقوال كلها وأمثالها لا تخرج عن كونها ضرب أمثلة و أنواع لصور من الأمانة الكثيرة الصور والأنواع ، والذي يطمئن إليه القلب هو أن المراد بالأمانة : الطاعة ، والتكاليف ، والفرائض التي افترضها الله على عباده ، وهي كل أمور الدين بما فيه من واجبات وحدود ، ولذلك استحسن الإمام الطبري أن المراد بالأمانة في هذا الموضع : هو جميع الأمانات في الدين ، وكذلك جميع الأمانات التي تكون بين الناس ؛ لأن الآية الكريمة لم تخصص نوعاً من أنواع الأمانة ، فكان التعميم أولى وأحسن .
ويقول الحق تبارك وتعالى في سورة النساء :  إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدّوا الْأَماناتِ إلى أَهْلِها (3)  ولا تؤدى الأمانات إلى أهلها على وجهها إلا من المتصفين بفضيلة الأمانة حتى يرعوا حقوق الناس حق رعايتها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق