Copy

الأحد، 3 مايو 2015

الامانة ٣

أمانة المؤمنين :
ووصف الله تبارك وتعالى المؤمنين ، فقال فيما وصفهم به :  والَّذينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعونَ (15) ، أي : إذا ائتمنوا لم يخونوا الأمانة ، بل أدوها إلى أهلها مهما كانت ، كما أنهم يحفظون أمانتهم في دينهم واعتقادهم وقولهم وعملهم وسلوكهم مع الناس .

الأمانة في السنة المطهرة :
ولقد جاءت السنة النبوية المطهرة من بعد القرآن المجيد ، فعنيت بفضيلة الأمانة ورفعت من شأنها فقال الرسول   :  الأمانة غنى (16) ، أي : هي سبب الغنى  لأن الإنسان إذا عرفه الناس بالأمانة أقبلوا على معاملته ، وأحبوه فيصير ذلك سبب غناه .
وخاطب الرسول    كل مسلم فقال له :  أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا : حفظ أمانة ، وصدق حديث ، وحسن خليقة ، وعفة في طعمة (17) .
فانظر كيف جعل فضيلة الأمانة طليعة لتلك الفضائل الأربع ، وطلب النبي من كل مسلم بأن يرعى الأمانة ويستمسك بها مع الناس جميعاً ، فقال :  أد الأمانة إلى من
ائتمنك ، ولا تخن من خانك (18)  .

أمانة المجلس :
وأرشدت السنة المطهرة إلى أحوال ومواطن تحتاج إلى أمانة لتصونها وتحصنها ، فقال الحديث :  المجالس بالأمانة (19) . وفي هذا حث على صيانة ما يجري في المجالس من أحاديث أو أسرار ، فكأن ذلك أمانة عن من سمعه أو رآه .

أمانة الاستشارة :
وجاء الحديث :  المستشار مؤتمن (20) أي أمين على المشورة أو النصيحة ، فإن كان يعرف وجه الصواب فيما يستشار فيه ، ذكره دون خداع أو تمويه ، وإن كان لا يعرف أحاله على من يعرف واعتذر ، ولو أنه عرف وجه الصواب في النصيحة وأخفاه وذكر سواه كان خائناً والله عز و جل لا يحب الخائنين ، ويؤكد هذا قول النبي    :  من أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه (21) .

أمانة الأذان :
وجاء الحديث :  المؤذن مؤتمن (22) أي يثق به الناس ، ويتخذونه ضابطاً لهم ، وحافظاً عليهم في مواعيد صلاتهم وصيامهم ، فيجب عليه أن يضبط هذه المواعيد والمواقيت .

التحذير من ترك أو تضييع الأمانة :
وتحذر السنة المطهرة المسلم تحذيراً بليغاً رادعاً أن يضيع الأمانة أو يتنكر لها ، فيقول الحديث :  لا إيمان لمن لا أمانة له (23) ، ولقد مر النبي  على رجل يبيع براً ( قمحاً ) فوضع النبي   يده داخل القمح فوجد بللا . فقال :  ما هذا يا صاحب الطعام ؟
فأجابه : أصابته السماء يا رسول الله .
فاستنكر النبي :   تصرفه ، وعابه عليه وقال له :  أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس ؟ من غشنا ليس منا (24) .
وجاء الحديث القائل :  إذا ضُيِّعَت الأمانة فانتظر الساعة  .
قيل : كيف إضاعتها يا رسول الله ؟ .
قال : إذا أُسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة (25) . وفي هذا تحذير وتخويف من تضيع الأمانة ، وإشعار بأنها حين تضيع تختل الأمور ويفسد العالم .
ولقد صور الرسول   ضياع الأمانة معولاً من معاول التقويض لهذه الحياة ، وعلامة على قرب قيام الساعة فجعل ضياع الأمانة علامة من علامات القيامة ، فذكر بين أشراطها أن يتخذ الناس الأمانة مغنما ، أي يضيعونها في سبيل شهواتهم وأهوائهم ، فيرى من كانت في يده أمانة خيانتها غنيمة قد حصل عليها . ويقول حديث آخر : لا تـزال أمتي على الفطرة ما لم يتخذوا الأمانة مغنماً والزكاة مغرماً (26) . وكيف يبقى على الفطرة من يتنكر لفضيلة الأمانة ، والرسول   قد جعل الخيانة إحدى صفات المنافق الأثيم ، فقال عنه :  إذا أؤتمن خان  (27) .

أمانة العبد مع الرب :
وهناك كثير من الناس إذا سمعوا كلمة الأمانة تصوروها مقصورة على الوديعة التي تودع عند الناس ، كالنقود والحلي وما شابه ذلك ، مع أن مدلول الأمانة في المفاهيم الإسلامية يشمل ألواناً كثيرة ، فأمانة العبد مع ربه تتحقق بحفظ ما أمر الله بحفظه ، وبأداء واجباته والابتعاد عن منهياته .

أ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق